فى الزمن الماضي .. في حقبة مبارك الكئيبة .. التى استشرى فيها الفساد وعم فيها النفاق ( إلا من رحم ربي ) وأصبحت الرشوة أساس لتسهيل المعاملات .. والواسطة لا تتم بدونها التعيينات والحصول على المزايا والأولويات .. سادت ثقافة التباهي بالأقارب بل والمعارف ذات النفوذ في المجتمع .. فمن له ( ظهر ) يستند إليه يستطيع أن ( يبرطع ) كيفما شاء في البلد , يفعل ما يشاء في الآخرين ( فيضرب هذا ويسب ذاك ) .. ومن يعرفه ويعرف من وراءه .. فأمامه خيارين لا ثالث لهما .. إما أن يرضى بالذل والإهانة أو أن يتصدى لها وينتظر بذلك إهانة أكبر من أختها .. فأنتشر فى التعاملات أسلوب التخويف على شاكلة .. أنت مش عارف بتكلم مين ؟ .. أو أنا هعرفك ازاى تتكلم مع أسيادك .. وقد يختصر البعض بالتلميح مثل : ما بلاااااش .. أو أنت أد اللى بتقوله ده ؟
وغيرها من طرق التهديد والتخويف .. حتي أصبح يَستخدم هذا الأسلوب معظم المجتمع تقريباً .. حتى وإن كان إبن عمة أبوه أمين شرطة وإن لم يكن !
هذه الثقافة المجتمعية التي سادت قبل الثورة ( وأعتقد أن تغييرها من ضمن متطلبات ما بعد الثورة ) كانت تجعل بعض المواطنين الشرفاء يشعرون بالغربة داخل وطنهم .. فالبلد ليست لهم إنما لمن في المناصب وأقاربهم وأقارب أقاربهم .. مما جعل الكثير من الكفاءات وأصحاب الطموح والمواهب ينفرون إلى بلد غير البلد .. طالما هنا غربة وهناك غربة إلا أن غربة الخارج تقدرهم مادياً ومعنوياً .. بينما فى الداخل يتم قتلهم أحياء .. فكانت كفة السفر والهجرة هي التي ترجح !
أرجوا أن يسود بمصر ثقافة العدل والمساواة وتكافؤ الفرص .. أن نخطو خطى النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .
أذكر قصة طفل في المرحلة الإبتدائية .. أعرف والده .. يعمل بوظيفة متواضعة .. كان يتعارك مع زميل له .. ولما تغلب عليه زميله .. نظر إليه وقال : أنت مش عارف أنا ابن مين ؟